giovedì 24 gennaio 2008

الرد علي المشككين في التصوف الاسلامي..وتوضيح ان الصوفية الطريق الي الله

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن وآلاه

بقلم: د. يوسف الشراح

نسمع بين الحين والأخر من ينادي بأن التصوف كله أباطيل وأن الصوفية طائفة زائغة عن الإسلام وإنهم أعداء هذا الدين، وان اصل معتقداتهم يونانية أو هندية أو مسيحية... ويستنكر هذا الاتهام د. يوسف الشراح الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، مؤكد أن التصوف هو صفاء النفس وامتلاؤها بالفكر، وأن سلوك الصوفيين أقرب الطرق وأوسعها إلى الله تعالى.
وأكد د. الشراح في حواره لـ " الأنباء " أن الكرامة ثابتة للأولياء وأن من يتهم الصوفية وسلوكهم في التبرك والاستغاثة هو من خلط الحق بالباطل، وأن إلقاء التهم اعتباطاً ليس من خلق المسلم
وقال ( إذا أردنا معرفة الحقيقة الصوفية فلنسمع إلى رأي الصوفية أنفسهم ورأي بعض من يدعي مخالفتهم ومحاربتهم)
.
مؤكداً أن ابن تيمية لم يعاد التصوف بإطلاق بل كان ينكر ما لا يوافق الكتاب والسنة ولم يكن مأثوراً عن أحد من السلف مشيراً إلى أن ثواب قراءة القرآن إلى الميت تصل إليه، وأن صلاة النصف من شعبان جائزة، ودفاعه عن الصوفية بإثبات أدلة الأمام ابن تيمية، وفيما يلي نص هذا الحوار :

بداية ما هو تعريف الصوفية؟ ولماذا يقول البعض أنها أباطيل؟

الصوفية ما هي إلا طائفة إسلامية مثل بقية الطوائف الإسلامية كالمحدثين والفقهاء والأصوليين والمؤرخين، فيهم الصالح والطالح، والصحيح والفاسد والمصيب والمخطئ ولا يصح أن ننسب إلى أي طائفة من هؤلاء الطالح والفاسد والمخطئ فقط. فعندما يقال الصوفية فإننا نعرف أن المراد بهم أمثال الفضيل بن عياض، ومعروف الكرخي، وبشر الحافي وعبد القادر الجيلاني والجنيد وغيرهم كثير ممن سطرهم على سبيل المثال يراع الأمام أبي نعيم في كتابه " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " ولا يراد بالصوفية أولئك الدجالون المخرفون المخالفون للكتاب والسنة، الذين دخلوا على التصوف فأفسدوه. لذلك وجب عدم خلط الأوراق بعضها من بعض فالعدل مطلوب مع الموافق والمخالف، وهو الأمر الذي طلبه منا الله في محكم تنزيله بقوله " يا أبيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " فالعدل مطلوب مع العدو الكافر، وإلقاء التهم اعتباطا ليس من خلق المسلم.

الصوفية أسم جامع
وماذا يقول الصوفيون في أنفسهم؟

الجنيد- رحمه الله – سيد الطائفة البغدادية من الصوفية، كما يعتبره ابن تيمية وغيره، وقد سئل عن التصوف فقال: " التصوف اسم جامع لعشرة معان: التقلل من كل شئ في الدنيا عن التكاثر فيها، والثاني: اعتماد القلب على الله عز وجل من السكون إلى الأسبات، والثالث: الرغبة في الطاعات من التطوع في وجود العوافي، والرابع: والصبر عن فقد الدنيا عن الخروج إلى المسألة والشكوى، والخامس: التمييز في الأخذ عند وجود الشيء، والسادس: الشغل بالله عز وجل عن سائل الأشغال، والسابع: الذكر الخفي عن جميع الأذكار، والثامن: تحقيق الإخلاص في دخول الوسوسة، والتاسع: اليقين في دخول الشك والعاشر : السكون إلى الله عز وجل من ألإطراب والوحشة فإذا استجمع هذه الخصال استحق بها الاسم إلا فهو كاذب .
هذا هو التصوف الذي نعرفه من هذا الفن وهو صفاء النفس من الكدر، وخلاصها من الكفر، وامتلاؤها من الفكر، وتساوي الذهب والحجر عندها.
ما يوافق الكتاب والسنة

وما الفرق بين مصطلحي الفقير والصوفي؟

أجاب عنه ابن تيمية بعد بيان مصطلح المتقدمين والمتأخرين كما في مجموعة فتاويه 11/70 قائلا: " وأما المستأخرون: فالفقير في عرفهم عبارة عن السالك إلى الله تعالى، كما هو الصوفي في عرفهم أيضا والتحقيق بأن المراد المحمود بهذين الأسمين داخل في مسمي الصديق والولي والصالح ونحو ذلك من ألأسماء التي جاء بها الكتاب والسنة، وأما ما يقترن بذلك من ألأمور المكروهة في دين الله من أنواع البدع والفجور فيجب النهي عنه كما جاءت به الشريعة، فالتصوف عند أبي تيمية هو السلوك إلى الله تعالى، وهذا الاسم داخل في الجملة في مسمي الصديق والولي والصالح، وأن الإنكار لا يكون هذا الاسم بل على ما يقترن به من أفعال منكرة تخالف ما جاء به الشريعة الإسلامية.
ونظرة سريعة إلى كتاب " مدارج السالكين " لابن القيم – تلميذ ابن تيمية – تبين لنا الفرق الشاسع بين التصوف وأهله الثناء عليهم، باعتبار تصوفهم هو سلوك أقرب الطرق وأوسعها إلى الله تعالى، وبين التصوف باعتبار التطرف والمتطرفين من أصحاب الشطحات والدجالين ومن يدعي الحلول والاتحاد ممن انتسبوا إلى التصوف.
حال الصحابة

عند بعض الصوفية ما يسمي بالأحوال والغناء والسكر فما هي وماذا تعني؟

قال أبن تيمية في مجموع فتاويه 11 (9 – 2) مراتب الناس وما يحصل لديهم من هذه الأحوال قال: حال المؤمن التقي الذي فيه ضعف عن حمل ما يرد على قلبه، فهذا الذي يصعق صعق موت أو صعق غشي فما يرد على القلوب مما يسمونه السكر والغناء ونحو ذلك من الأمور التي تغيب العقل بغير اختيار صاحبها فإنه إذا لم يكن السبب محظور لم السكران مذموما، بل معذوراً، وقد يحصل بسبب سماع الأصوات المطرية التي تورث مثل هذا مذموم لأن سببه محظور، وقد يحصل بسبب سماع الأصوات المطربة التي تورث مثل هذا السكر، وهذا أيضا مذموم فإنه متي أفضى إليه سبب غير شرعي كان محرماً، وما يحصل في ضمن ذلك من لذة قلبية أو روحية ولو بأمور فيها نوع من الإيمان فهي مغمورة بما يحصل معها من زوال العقل وقد يحصل السكر بسبب لا فعل للعبد فيه كسماع لم يقصده يهيج قاطنه ويحرك ساكنه ونحو ذلك، وهذا ل يلام عليه فيه ما وما صدر عنه في وما صدر عنه في حال زوال عقله فهو فيه معذور، لأن القلم مرفوع عن كل من زال عقله بسبب غير محرم. فهذه الأحوال التي يقترن بها الغشي أو الموت أو الجنون أو السكر أو الغناء حتى لا يشعر بنفسه ونحو ذلك، إذا كانت أسبابها مشروعة وصاحبها صادقاً عاجزاً عن دفعها، كان محموداً على ما فعله من الخير، وما ناله من الإيمان معذورا فيما عجز عنه وأصابه بغير اختياره، ولكن من لم يزل عقله مع انه قد حصل له من الأيمان ما حصل لهم أو مثله أو أكمل منه فهو أفضل منهم، وهذه حال الصحابة رضي الله عنهم وهي حال نبينا صلي الله عليه وسلم وهذا كلام أبن تيمية.

الجفري على حق

إذا كان هذا الكلام منقولا عن ابن تيمية فلماذا يحارب فيه محبوه الحبيب علي الجفري ويتهمونه باعتقاده إن أولياء يعلمون الغيب وان كراماتهم لا حد لها، وأن الاحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وسلم والإسراء والمعراج يعتبر من الدين، وأن النبي صلي الله عليه وسلم ينفع الناس بعد وفاته وانه صلي الله عليه وسلم يغيثهم إذا توسلوا به وأن كل ذلك مبتدع، فما ردكم؟
عرفت الحبيب علي الجفري عن قرب في كثير من الأوقات، ووجدته العالم العابد التقي الورع، مع خلق رفيع وأدب، يعفو ويعفو، ولا يرد سائلا عن شيء مما يسأل عنه، أما ما يثار حوله من الكلام، فما من عالم رباني وصل إلى ما وصل إليه الحبيب الجفري من محبة الناس له وأتباعهم لطريقه إلا كثر الحاقدون عليه، ولفقوا التهم له، بل وأثاروا العوام عليه بجهلهم وغيظ قلوبهم ولأن الناس فرأوا ما كتبه علماؤنا المتقدمون وسمعوا من الجفري ما يقول، ولم يتناقلوا ما يثار بلا دليل، لعلموا الحق ووقع هؤلاء في سيء مكرهم.
الكرامة للأولياء ثابتة
ولكن أكثر ما ينكر على الحبيب الجفري قوله" كرامات الأولياء"

فهل هناك فعلا ما يسمي بكرامات الأولياء؟

نحن نثبت للأولياء الكرامة، وننبذ قول منعها من كل من خالفهم ولو رجعوا إلى ما سطره شيخهم ابن تيمية في كتابه ( الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان) من كرامات ألصحابة وغيرهم لعلموا مدى قذفهم بالجهل كل من يخالفهم والكرامة أمر ثابت ونحن نعرف أن مريم أم عيسي عليه السلام وأصحاب الكهف والخضر والصبي الذي تكلم من جريح الراهب والثلاثة الذين أنسد عليهم الغار بصخرة وغيرهم، كل أولئك لم يكونوا أنبياء ليرسل الله معهم معجزات يتحدون بها البشر بها بل كانوا أولياء لله، أكرمهم المولى القوي القدير على مثل تلك الأمور، من غير تحد منهم ولا قوة وهكذا أثبتت الكرامة للأولياء لا للمشعوذين.
الاحتفال بالصالحين جائز

وما قولك فيما يقوم به الصوفية من إقامة الموالد والطبول والتبرك والتوسل والاستعانة مما يخلط الحق بالباطل؟

الاحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وسلم والضرب بالدفوف ليسا من البدع والمنكرات عند جماهير أهل العلم كما هو معروف عند العلماء خلافا للسلفية والتبرك بآثار النبي صلي الله عليه وسلم قد أرشدنا إليه المصطفي نفسه ولا سيما عندما أمر حالفه في العمرة والحج أن يوزع شعره الشريف على الصحابة الكرام فكان رضي الله عنهم يتبركون بآثاره مما يحتاج منا إلى مجلدات في الكتابة فيه أما التوصل بالاستغاثة بالنبي صلي الله عليه وسلم بدعائه أو بمحبته أو بذاته بعد وافته مما أجازه جمهور أهل العلم خلاف الابن تيمية والسلافية في حال واحدة فقط وهي منع التوسل بذات صلي الله عليه وسلم بعد وفاته فإذا كان هؤلاء يرون ضلال الجفري في هذه الأمور فيضللوا علماء أمتهم بعد أن يبحثوا في الكتب عن أقوال أهل العلم ولم يكتفوا بما يسمعونه من فلان وعلان أو يكتفوا بما في كتب أبن تيمية عن الصوفية مما هو فيه طعن فيهم فالرجل رحمه الله لم يكن يعادي التصوف بإطلاق بل كان ينكر ما لا يوافق الكتاب والسنة ولم يكن مأثورا عن أحد من السلف.

حكم ألاستغاثة بغير الله

إذا كان هو رأي أبن تيمية الذي يتبعه الكثير ومع ذلك ينكرون موضوع التوسل والأستثغاثة بالنبي صلي الله عليه وسلم بدعائه أو بمحبته أو بذاته بعد وفاته فما ردكم؟
مما يسؤ المسلم في هذه الأيام أن يجد هؤلاء الجمع من الناس الذين أرتضوا من رأي ابن تيمية من منهجاً لهم ثم هم ينكرون ما هو مخالف لرأيهم مع ان الأدلة محتمله والخلاف سائغ ولكل مجتهد نصيب من الظنيات دون القطعيان بل ربما كان رأي ابن تيمية مخالفا لرأي الحنابلة والجمهور في مسائل عديدة وليس قصدي محاكمة أبن تيمية فيما أختاره ولكن القي بالأئمة على محبيه الذين أنكروا على مخالفهم كثير من الآراء الذي يتبنها شيخهم وقال بها وهم جاهلون لهذه النصوص وإذا أردنا معرفة ميزان السلفية في محاكمة الجفري وتضليلهم إياه فليزنوا شيخهم ابن تيمية بالميزان ذاته حتى يتعرف على الحق الذي يدعون أتباعه.
المولد النبوي.

يقولون المعارضون بأن المحتفلون بالمولد النبوي الشريف لا يجوز فهل أجابه أبن تيمية؟

نعم يري أبن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم الجزء الأول ( ص297 – 298 ) أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قد يؤجر عليه الإنسان وذلك حين يقول : فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلي الله عليه وسلم أنه يحسن من بعض الناس ما يستقيح من المؤمن المسدد فلهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء انه انفق على مصحف إلف دينار فقال دعه فهذا أفض ما أنفق فيه الذهب مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط وليس مقصود احمد هذا وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه مفسده أيضاً كره لأجلها.

توسل حسن
وماذا عن جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم ؟

يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى 3 / 276 مبينا جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم وأما حقوق الرسول صلي الله عليه وسلم – بأبي هو وأمي – مثل تقديم محبته على النفس والأهل والمال، وتعزيزه وتوقيره، وإجلاله وطاعته، وأتباع سنته وغير ذلك، فعظيمة جداً، وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء، كما الحديث الذي رواه الترمذي أن النبي صلي الله عليه وسلم علم شخص لأن يقول :
( الله ما أني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله أني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها، اللهم فشفعه فيه ) فهذا التوسل به حسن.

الإخبار بالغيب
وهل يعتبر الأخبار بالغيبيات من المحظورات ؟

يقول ابن تيمية في مجموعة الفتاوى 5 /252 أنه لا مانع من الأخبار بالغيبيات:
وكذلك إيمانهم بالمعاد والجنة والنار وغير ذلك من أمور الغيب؟ وكذلك ما يخبر به الناس بعضهم بعض من أمور الغيب هو كذلك ؟ بل يشاهدون ألأمور ويسمعون ألأصوات وهم متنوعون في الرؤية والسماع ؟ فالواحد منهم يتبين من حال المشهود ما لا يتبين للأخر ؟ حتى قد يختلفون فيثبت هذا ما لا يثبت أخر فكيف فيما أخبروا به من الغيب ؟

بركات ألأولياء وهل يوافق أيضا ابن تيمية على قدرات ألأولياء وتأثيراتهم التي يؤمن بها الصوفية؟

أرد على ذلك بقول أبن تيمية في مجموع الفتاوى 3/156 مبينا مكاشفات الأولياء وقدراتهم وتأثيراتهم قال ومن أصول أهل السنة ؟ التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات. كما يعتقد أبن تيمية في مجموع الفتاوى 4/376 بأن الله أعطي بعض الأولياء أعظم مما أعطي جبريل وأن هذا عام في كل الأشياء وذلك حين يقول وإذا تبين هذا أن العلم مقسوم من الله ليس كما زعم هذا الغبي بأن لا يقوم بأيدي الملائكة على الإطلاق وهو قول بلعي ؟
بل الذي يدل عليه القرآن أن الله تعالى أختص أدم بعلم لم يكن عند الملائكة وهو علم ألأسماء الذي هو أشرف العلوم ؟ وحكم بفضله عليهم لمزيد العلم ؟ فإن العدول عن هذا الموضع إلى بنيات الطريق ومنها القدرة ؟

خروج الميت من قبره
ما تعليقكم في أن الميت يخرج من القبر ويمشي؟

يعتقد أبن تيمية في مجموع الفتاوي5/526 أن الميت يخرج من القبر ويمضي فيقول: وقد يقوى الأمر حتى يظهر ذلك في بدنه وقد يري خارجا من قبره والعذاب عليه وملائكة العذاب موكله به ؟ فيتحرك ببدنه ويمشى ويخرج من قبرة؟ وقد سمع غير واحد أصوات المعذبين في قبورهم وقد شوهد من يخرج من قبرة وهو معذب ومن يقعد بدنه أيضاً إذا قوي الأمر ؟ لكن ليس هذا لازما في حق كل ميت ؟ كما أن قعود بدن النائم لما يراه ليس لازما لكل نائم بل هو بحسب قوة ألأمور.

ينكر الكثير على بدعة القراءة للأموات، فما ردكم؟

أبن تيمية يرى عدم بدعية القراءة للأموات وجواز إهدائهم ثواب القراءة وذلك حين يقول في مجموعة فتاوى 24/321 – 324: أفضل العبادات ما وافق هدى رسول الله صلي الله عليه وسلم وهدي الصحابة كما صح عن النبي انه كان يقول في خطبته: خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
وقال (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ) وقال أبن مسعود: من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنه وألئك أصحاب محمد. فإذا عرف هذا ألأصل فالأمر الذي كان معروف بين المسلمين في القرون المفضلة أنه كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها من الصلاة والصيام والقرأة والذكر وغير ذلك وكانوا يدعون المؤمنين والمؤمنات كما أمر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك وروي عن طائفة من السلف عند كل ختمه دعوة مجابة. فإذا دعي الرجل عقيب الخدمة لنفسه ولوادي ولمشائخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من الجنس المشروع وكذلك دعائه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم إنه أمر بالصدقة على الميت وأمر أن يصام عند الصوم فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالح وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم.

وبهذا وغيره أحج من قال من العلماء انه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موات المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبوا حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف لأنه أفضل وأكمل.
كما قال أبن تيمية أن الميت يصله قرأة أهله وتسبيحهم وتكبيرهم وسائر ذكرهم لله تعالى إذا أهدوه إلى الميت وصل إليه.

صلاة النصف من شعبان
يتهم البعض الصوفيين بما يقومن به من صلاة النصف من شعبان وعدم جوازها، فماذا تقولون؟

يجيب بقول هذا السؤال بقول ابن تيمية أيضا في مجموع الفتاوى 23/131 عن العمل بصلا النصف من شعبان حيث بقول: إذا صلي الإنسان ليلة النصف وحدة أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو أحسن، وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة كالاجتماع على مئة ركعة بقراءة إلف ( قل هو الله احد ) دائما فهذه بدعة لم يستحبها أحد من ألأئمة والله أعلم

كرامة الأولياء
وهل كان أبن تيمية يعلم الغيب ويشفي المرضي كما يقولون ؟

قال أحد طلاب أبن تيمية وهو الحافظ البزار في كتابة الأعلام العلية ( 1/56 – 62 ) في مناقب أبن تيمية في ذكر بعض كرامته وفراسته أخبرني غير واحد منت الثقات ببعض ما شاهدة من كرامته وأنا أذكر بعضها على سبيل الاختصار وأبدا من ذلك بعض ما شاهدته. فمنه أنه جري بيني وبين بعض العلماء منازعه في مسأل عدة وطال كلامنا فيها وجعلنا نقطع الكلام في كل مسألة بأن نرجع إلى الشيخ وكما يرجحه من القول فيه ثم أن الشيخ حضر فلما ههممنا بسؤاله عن ذلك سبقنا هو وشرع يذكر لنا مسألة مسالة فصلة كما كنا فيه وجعل يذكر غالب ما أوردناه في كل مسألة ويذكر أقوال العملاء ثم يرجح منها ما يرجحه الدليل حتى أتي على أخر ما أردنا أن نسأله عنه وبين لنا ما قصدنا ما إن نستعمله منه فقيت أنا وصاحبي ومن حضرنا أولاً مبهوتين متعاجين مما كاشفنا به وأظهره الله عليه مما كان في خواطرنا.
وهناك من ألأمثلة الكثير الذي يدل على ثبوت كرامة الأولياء.
معني ما ذكرتموه أن الداعية الحبيب الجفري لم يكن مخطأ حين أباح التبرك بالأولياء وذكر كرامتهم ؟

حبيب الجفري عابد تقي ورع ولو أن الناس قرأو ما كتبه علمائنا المتقدمون وسمعوا من الجفري ما يقول ، ولم يتناقلوا ما يثأر بلا دليل ، لعلموا الحق ووقع هؤلاء في سيء مكرهم .

السبحة
وهل تسبحوا الله تعالى بمسبحة يعتبر بدعة لا تجوز ؟

يري ابن تيمية إن السبحة لا بأس بها وذلك في قوله 22/506 في مجموع الفتاوى: وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم للنساء (سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات مستنطقات ) وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك ، فحسن وكان الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك ، وقد رأي النبي أم المؤمنين عائشة تسبح بالحصى وأقرها على ذلك، وري أن أبو هريرة رضي الله عنه كان يسبح بها أما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه ، فمن الناس من كرهه ومنهم من لم يكرهه وإذا حينت فيه النية فهو حسن غير مكره وأما اتخاذه من غير حاجه أو أطهارة للناس مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك فهذا أما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة الأولي محرم والثاني أقل أحوال الكراهة فإن مرآة الناس فالعبادات المختصة كالصلاة والصيام والذكر وقراءة القران من أعظم الذنوب

lunedì 21 gennaio 2008

أهمية التصوف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
ثم الصلاه والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه من سار علي دربه الي يوم الدين

أهمية التصوف

ولا: إن التصوف يعد جامعة شعبية تجمع مكونات الثقافة الإسلامية، ومختلف شرائح المجتمع الإسلامي، فالفلاسفة والحكماء، والمتكلمون والإلهيون، والمفسرون، والمحدثون، وأهل الفقاهة، وأرباب الأدب والشعر، وسائر طبقات الناس من العلية إلى السفلة، ومن النجباء إلى البلداء، يستطيع التصوف أن يمدهم بوهج يوقد أنوار الهداية في حياتهم، ويعطي غاية وهدفا حقيقيا لوجودهم.

ثانيا: إن التصوف يمثل الحياة الروحية للديانات السماوية، ويجسد حقيقة التدين الصحيح الذي يحرك الإنسان في دائرة الفعل المسئول، فلا حقد، ولا عداء، ولا حسد، ولا بغضاء، ولا كراهية، ولا إسفاف بحق الألوهية والربوبية، ولا تطاول على حقوق المخلوقين والعباد، فالتصوف هو الموصل للعبد الصادق إلى حضرة علام الغيوب، والمبلغ إلى مالك الملوك، وهو الجسر الذي يعين الإنسان على التعايش السلمي مع أخيه الإنسان، ويسير له أسباب الالتقاء والمقام الأمين.

ثالثا: إن التصوف يُعلِم الإنسان على اختلاف وظيفته في الحياة، ووظيفة في السلم الاجتماعي، كيف يحب غيره، فهو قيثارة الحب، وقانون الود، ومشتل الصفاء، فبالحب تصفوا الأرواح، وتسمو النفوس، وبالحب ستكتب الأمة قيمتها بين الأمم، وتعلوا مكانتها بين الأقوام.

رابعا: إن التصوف يبرُز في خاصيته بمثابة نقطة المحور التي تلتقي في رحابتها جميع المذاهب والمشارب، فالسني إلى جانب الشيعي، والماتريدي إلى جانب الأشعري، والمالكي إلى جانب الشافعي، وهكذا دواليك، فلكل حظ من هذا الإرث الروحي، ونصيب لا ينكر.

خامسا: إن التصوف يقدم للإنسان حلولا عملية تساعده على ترويض نفسه، وتهذيب أخلاقه، وتخليص ذاته من الأنانيات المفرطة، والإنيات النورانية، ويعطي أملا في تهيئة الأنفاس والحواس الباطنية والظاهرة للإقبال على الله عز وجل، والبلوغ إلى غاية استحضار عظمته في ملكه وملكوته، فمن اقتادته الأقدار، وساعدته الألطاف، لا بد أن ينتهي إلى مراده، ويستبين مقصوده، ومن لم تلحظه عناية الله بقي جامدا تقتله فترة البعد والسحق، وتُنقصه من مقاماته ساعات اليأس والحنين.
فالتصوف يعبر كما يقول بعض الباحثين: عن شوق الروح إلى التطهر، ورغبتها في الاستعلاء على قيود المادة وكثافتها، وسعيها الدائم إلى تحقيق مستويات عليا من الصفاء الروحي، والكمال الأخلاقي.

سادسا: إن التصوف يدفع عن المسلم غلواء الحياة، وفحيح الحضارة، وضغطة المادة، فنحن كما يقول سعيد حوى في كتابه تربيتنا الروحية، في عصر مادي، وهذا يقتضي منا أن نقابله بفكر مكافئ، وبحيوية روحية عالية، ونحن في عصر شهواني، وهذا يقتضي منا أن نقابله بأشواق روحية راقية مع تأمين الشهوات المباحة وإبقاء منافذها مفتوحة. والمتتبع لمسار المدنية المعاصرة يلحظ ابتعادها عن محور الوجود، وغفلتها عن المعاني الخالدة، والجوانب الملكوتية في النفس البشرية، ويلمس إيلاءها الرعاية القصوى، والأهمية الكبرى للجانب الحيواني في الإنسان، فالربح واكتناز الثروة، والرفاه المادي، والغنم السريع، صار مع التحولات الاقتصادية غاية الآملين للحياة الوديعة، ومنتهى غايات المحمومين بسعار الحضارة، وهذا ما أنتج كما يقول القرضاوي في كتابه الإيمان والحياة شعورين مختلفين، أولا: شعور الإنسان بالتفاهة والضياع، ونظرته إلى نفسه نظرة حيوانية بحتة، ثانيا: شعور الغرور والكبر، ذلك الشعور الذي ينتهي بالإنسان إلى تأليه نفسه حتى يسقط وجود الإله الحق من اعتباره، ويتصرف كإله لا يسأل عما يفعل، كما زعم جوليان هسكلي حين قال: "إن الإنسان في العالم الحديث أصبح هو الله المنشئ المريد".

إن الفراغ الروحي، والعطش النفسي، والاضطراب الذي يواجهه الغربيون وأزلامهم من أبناء جلدتنا، لا يمكن القضاء عليه إلا بالإجهاز على مسبباته، والقضاء على موجداته، ولا مسلك يؤدي حتما إلى اقتلاع هذا الهوس من قلوب وعقول وأرواح كثير من شباب اليوم إلا بإحياء القيم الروحية، وتعبئة المتدينين للأخذ بما يضمن سلامة أرواحهم من عواصف فتنِ ومغريات الحياة، ويؤمن للمجتمع استقراره وهدوءه وطمأنينته، ويمد الحياة في مشكلاتها بحلول ناجعة، فالعصر الذي نعيش فيه كما يقول سعيد حوى في تربيتنا الروحية( ص12):" عصر الشهوة، وعصر النزوة، وعصر المادية، ولا بد أن تقابل هذه الأشياء فيه بما يكافئها ويقابلها، وإن التربية الصوفية وحدها هي التي تقابل ذلك، فالشهوة لا تحل مشكلتها المقال وحده، بل لا بد من الشعور والذوق والإحساسات الإيمانية مع المقال، والتمرد لا يعالج بالكلمة وحده، بل يعالج بالإخبات لله والتقوى والورع والأدب، وهذه طريقها العملي هو التصوف" فالتصوف كما يقول بعض الباحثين: يغطي زوايا حساسة ومهمة في حياة الأفراد، ويلبي الخَوَاء الروحي والنفسي الذي يعيشه الغربي في حياة الفكرية وحضارته المادية.

سابعا: إن التصوف يفسر الوجود، ويكشف الحقائق الكبرى للكون، عن طريق ذوقي بدون وسائط، وقد احتار الناس قديما في هذه الحقائق، دون أن يجدوا لها مدلولا إلا داخل التجربة الصوفية التي تعبر عن نظرية معرفية ذوقية مستوحاة من القرآن.

ثامنا: إن التصوف يعلم الإنسان كيف يستشعر مسؤوليته في موقعه من الحياة، ويحفزه لتنمية جوانبه المرتبطة بكون الروح الذي أودعه الله بجسده، ويهيئه لتعميق تجربة الإيمان ذوقا ووجدانا بعد أن كانت أنظارا فلسفية لا تفيده في قيام علاقة فيما بينه وبين نفسه وكونه وعالمه العلوي والسفلي، فينتقل الإنسان بواسطة التصوف إلى إنسان مسدد مقوم يتحرك في فلك الحياة بقابلية الخير والرشاد، ويسعى في مجال العبادة بنية خلوصة تدفع عنه الريب والشكوك، وتمنعه من حضور الأغيار في ممارساته العبادية.

تاسعا:إن التصوف بعد من أبعاد التجربة الدينية، ما دامت التوجيهات الدينية مرتبطة بالجانب العقدي والأخلاقي، فالتصوف فقرة أخيرة من فقرات السير الذي ينتقل فيه المتدين من الإسلام شعيرة، إلى الإيمان عقيدة، إلى الإحسان سلوكا، فالتصوف عبارة عن التخلية عن الأخلاق الأرضية، والتحلية بالأخلاق الملكوتية، والتدثر بالصفات الإلهية،

عاشرا: إن التصوف يعلم الإنسان كيف يحتفظ على أعمال الظاهر والباطن، وكيف يرسم الطريق الموصل إلى تحقيق ذلك، فالظاهر يجسد جوهر العمل بإحدى الجوارح والكواسب، والباطن يمثل الحقيقة الدافعة إلى العمل، والغاية المقصودة منه، فإذا فسد الباطن تحولت العبادة إلى فراغ لا ترجى منه فائدة ولا عائدة، وإذا صلح أثرت في سير الإنسان، وجعلت عبادته مقبولة تؤثر على الإنسان في مسار حياته وسلوكه، يقول السيوطي: (وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها، فقال الغزالي: إنها فرض عين) ["الأشباه والنظائر" للسيوطي ص504]، فتطهير الباطن يؤثر في سداد الظاهر، والنصوص متواترة في شأن ذلك، قرآنا وحديثا. يقول ابن عابدين في حاشيته الشهيرة: (إن علمَ الإخلاص والعجب والحسد والرياء فرضُ عين، ومثلها غيرها من آفات النفوس، كالكبر والشح والحقد والغش والغضب والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والبطر والخيلاء والخيانة والمداهنة، والاستكبار عن الحق والمكر والمخادعة والقسوة وطول الأمل، ونحوها مما هو مبين في ربع المهلكات من "الإحياء". قال فيه: ولا ينفك عنها بشر، فيلزمه أن يتعلم منها ما يرى نفسه محتاجاً إليه.
وإزالتها فرض عين، ولا يمكن إلا بمعرفة حدودها وأسبابها وعلاماتها وعلاجها، فإن من لا يعرف الشر يقع فيه) ["حاشية ابن عابدين" المسماة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، ج1/ص31]. فالتصوف هو الذي اختص بتبيان معرفة أدواء الأرواح، ووسائل علاجها، وطرق المحافظة على سلامتها.

إحدى عشر:إن التصوف يحقق للإنسان فردانيته التي تجعله مسئولا عن أفعاله واختياراته، فلا يعيش تحت تأثير أو مجريات أخرى تجعله مسلوب الإرادة، فاقد الحركة، فهو من الله وإلى الله، وغايته أن يفنى في الله عز وجل حضورا وفقدا، ووجودا وعدما، والتصوف في خدمة الإنسان حتى تكتمل دوراته وقراراته، وتنتهي حياته دون خنوع إلا للجمال الإلهي، يقول ابن عربي::" فلا يزال العالم محفوظاً ما دام فيه هذا الإنسان الكامل " ( فصوص الحكم )

إثنا عشر: إن التصوف يقرب صورة المعتقد والعبادة على أنها بسيطة غير معقدة، بخلاف المماحكاة المنطقية التي شغلت المتكلمين والفلاسفة ردحا من الزمان.

أسباب عدم اعتبار التصوف قيمة جمالية

أولا: المصطلح الذي سبب للكثير من خصومه خللا في الفهم جعلهم يهاجمونه بكل قذيعة وقبيحة، ويتهمونه بما ينقص من قيمته وأهميته.

ثانيا: ظلم المنتسبين إليه له بانحرافهم عن المعاني الحقيقية للتصوف إلى ترهات وخرافات ومنامات تعطل الدور الحضاري للأمة، وتنتقص من قيمة الشرع والعقل، وتدفع بالآخر إلى الاتهام له بأنه وافد حقير، ومبتدع ضليل.
وقد تخذ من رام التصوف بلوم هؤلاء المتسمين بسمته رُوحَه وصورته، وهم في جلية أمرهم، طائفة تدعي التصوف كذبا وزورا، وتدعوا إليه خداعا ونفاقا، وفات المعترضين على التصوف بسببهم، أن التصوف لا يعبر عنه إلا من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله من البشر، واستوى عنده الذهب والمدر، كما قال سيد الطائفة الإمام الجنيد.

ثالثا: الاتجاهات الفكرية والسياسية التي كانت على خط التماس مع التصوف، فإما أن تخدم المعارف الدينية بما فيها التصوف مصالح هذه الطبقات المستغلة للدين في جملة من مناحي حياتها، أو أن يمس بتهمة التواطؤ والعمالة للغير خصوصا الأجنبي، وقد جارى هؤلاء المتهِمين من الساسة وأرباب الفكر في القديم، مستشرقون نبذوا التصوف بدوافع استعمارية، ونبزوه ببعض الشطحات التي صارت عند كثير من الباحثين المعاصرين علما على التصوف، لا يذكر اسمه إلا وتستحضر صورها الذهنية في عقول كثير ممن قرأ عنه في كتيبات تهدى ولا تباع، والغريب أن بعض المجتِرين لأفكار هؤلاء المستشرقين أعداءِ الحياة الروحية في الإسلام، هم من فصيل التراثيين الذين يدجنون الفكر بالسلفية والرجوع إلى الماضي..

رابعا: اعتقاد أن التصوف يقوم بأدوار هامشية في عملية الحراك الاجتماعي، فهو بعيد كل البعد عن الأحاسيس والمشاعر التي تنتاب مؤسسة المجتمع العربي، وتتفاعل مع نشأة التاريخ البشري، بل الأدهى أن يكون التصوف شماعة تعلق عليها تداعيات تخلف الأمة وتقهقرها في ميادين الحياة.

خامسا : عسر هذه المفاهيم الروحية، والمعاني الوجدانية على كثير من رواد الثقافة الإسلامية.

سادسا: امتزاج الأذواق الصوفية بما هو مشترك فيما بينها وبين الديانات والفلسفات الأخرى، وتكرار المقولات التي توحي بوجود تقابل فيما بين التصوف الإسلامي وغيره، (الشريعة، الطريقة، الحقيقة عند المسلمين، في مقابل التطهر، التأمل، الإشراق لدى المسيحيين) بل دعا ذلك إلى اعتبار اللاحق جزءا من السابق، وإن كان اللاحق لا يعاني بعد المسافة من السابق لتوحد المصدر والغاية

venerdì 18 gennaio 2008

نشأة علم التصوف..متي ظهر التصوف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
ثم الصلاه والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه من سار علي دربه الي يوم الدين

كنا قد ذكرنا لحضراتكم معني التصوف والصوفيه في الموضوع السابق وقلنا
ان التصوف عظيم القدر جليل النفع
أنواره لامعة وثماره يانعة فهو يزكي النفس من الدنس ويطهر الأنفاس من
الأرجاس ويوصل الإنسان إلى مرضاة الرحمن وخلاصته اتباع شرع الله وتسليم الأمور كلها لله والالتجاء في كل
الشئون إليه مع الرضى بالمقدّر من غير إهمال في واجب ولا مقاربة لمحظور.

واليوم نعرض لحضراتكم نبذه صغيره
متي نشأ علم التصوف ومتي ظهر التصوف الاسلامي




يقول الدكتور أحمد عَلْوَشْ:

(قد يتساءل الكثيرون عن السبب في عدم انتشار الدعوة إلى التصوف في صدر الإسلام، وعدم ظهور هذه الدعوة إلا بعد عهد الصحابة والتابعين ؛ والجواب عن هذا: إنه لم تكن من حاجة إليها في العصر الأول، لأن أهل هذا العصر كانوا أهل تقوى وورع، وأرباب مجاهدة وإقبال على العبادة بطبيعتهم، وبحكم قرب اتصالهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتسابقون ويتبارون في الاقتداء به في ذلك كله، فلم يكن ثمَّة ما يدعو إلى تلقينهم علماً يرشدهم إلى أمرٍ هُم قائمون به فعلاً، وإنما مثلهم في ذلك كله كمثل العربي القُحِّ، يعرف اللغة العربية بالتوارث كابراً عن كابر؛ حتى إنه ليقرض الشعر البليغ بالسليقة والفطرة، دون أن يعرف شيئاَ من قواعد اللغة والإعراب والنظم والقريض، فمثل هذا لا يلزمه أن يتعلم النحو ودروس البلاغة، ولكن علم النحو وقواعد اللغة والشعر تصبح لازمة وضرورية عند تفشي اللحن، وضعف التعبير، أو لمن يريد من الأجانب أن يتفهمها ويتعرف عليها، أو عندما يصبح هذا العلم ضرورة من ضرورات الاجتماع كبقية العلوم التي نشأت وتألفت على توالي العصور في أوقاتها المناسبة.


فالصحابة والتابعون ـ وإن لم يتسموا باسم المتصوفين ـ كانوا صوفيين فعلاً وإن لم يكونوا كذلك اسماً، وماذا يراد بالتصوف أكثر من أن يعيش المرء لربه لا لنفسه، ويتحلى بالزهد وملازمة العبودية، والإقبال على الله بالروح والقلب في جميع الأوقات، وسائر الكمالات التي وصل بها الصحابة والتابعون من حيث الرقي الروحي إلى أسمى الدرجات فهم لم يكتفوا بالإقرار في عقائد الإيمان، والقيام بفروض الإسلام، بل قرنوا الإقرار بالتذوق والوجدان، وزادوا على الفروض الإتيان بكل ما استحبه الرسول صلى الله عليه وسلم من نوافل العبادات، وابتعدوا عن المكروهات فضلاً عن المحرمات، حتى استنارت بصائرهم، وتفجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم، وفاضت الأسرار الربانية على جوانحهم. وكذلك كان شأن التابعين وتابعي التابعين، وهذه العصور الثلاثة كانت أزهى عصور الإسلام وخيرها على الإطلاق،
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "خير القرون قرني هذا فالذي يليه والذي يليه" ["خير الناس قرني هذا ثم الذين يلونهم.." أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات. وفي "صحيح مسلم" في فضائل الصحابة عن ابن مسعود رضي الله عنه].


فلما تقادم العهد، ودخل في حظيرة الإسلام أُمم شتى، وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ قام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحو في الصدر الأول ـ علم الفقه، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض "الميراث" وغيرها..

وحدث بعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، ولم يكن ذلك منهم احتجاجاً على انصراف الطوائف الأخرى إلى تدوين علومهم ـ كما يظن ذلك خطأً بعض المستشرقين ـ بل كان يجب أن يكون سداً للنقص، واستكمالاً لحاجات الدين في جميع نواحي النشاط، مما لا بد منه لحصول التعاون على تمهيد أسباب البر والتقوى" ["المسلم مجلة العشيرة المحمدية" عدد محرم 1376هـ. من بحث: التصوف من الوجهة التاريخية للدكتور أحمد علوش، وهو من الرواد الأوائل الذين نقلوا حقائق التصوف الإسلامي إلى اللغات الأجنبية، وقد ألف فضيلته كتاباً باللغة الإنكليزية عن التصوف الإسلامي، كان له أكبر الأثر في تصحيح الأفكار والرد على المستشرقين كما ألف كتابه "الجامع" عن الإسلام الذي رد فيه على التهم المفتراة على دين الله، وكان له أثره البعيد في خدمة هذا الدين].

وقد بنى أئمة الصوفية الأولون أصول طريقتهم على ما ثبت في تاريخ الإسلام نقلاً عن الثقات الأعلام.

أما تاريخ التصوف فيظهر في فتوى للإمام الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه الله، فقد سئل عن أول من أسس التصوف ؟ وهل هو بوحي سماوي ؟ فأجاب:

(أما أول من أسس الطريقة، فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي، إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما بيَّنها واحداً واحداً ديناً بقوله: "هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم" [جزء من حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه] وهو الإسلام والإيمان والإحسان.

فالإسلام طاعة وعبادة، والإيمان نور وعقيدة، والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"...

ثم قال السيد محمد صديق الغماري في رسالته تلك: (فإنه كما في الحديث عبارة عن الأركان الثلاثة، فمن أخل بهذا المقام(الإحسان) الذي هو الطريقة، فدينه ناقص بلا شك لتركه ركناً من أركانه. فغاية ما تدعو إليه الطريقة وتشير إليه هو مقام الإحسان؛ بعد تصحيح الإسلام والإيمان) ["الانتصار لطريق الصوفية" ص 6 للمحدث محمد صديق الغماري].

قال ابن خلدون في مقدمته:

(وهذا العلم ـ يعني التصوف ـ من العلوم الشرعية الحادثة في الملَّة ؛ وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق، والخلوة للعبادة، وكان ذلك عامَّاً في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده، وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا، اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية) ["مقدمة ابن خلدون" علم التصوف ص 329].

ويعنينا من عبارة ابن خلدون الفقرة الأخيرة، التي يقرر فيها أن ظهور التصوف والصوفية كان نتيجة جنوح الناس إلى مخالطة الدنيا وأهلها في القرن الثاني للهجرة، فإن ذلك من شأنه أن يتخذ المقبلون على العبادة اسماً يميزهم عن عامة الناس الذين ألهتهم الحياة الدنيا الفانية.

يقول أبو عبد الله محمد صديق الغماري:

(ويَعْضُدُ ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب "ولاة مصر" في حوادث سنة المائتين: إنه ظهر بالاسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف. وكذلك ما ذكره المسعودي في "مروج الذهب" حاكياً عن يحيى بن أكثم فقال: إن المأمون يوماً لجالس، إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، فعلمت أنه بعض الصوفية. فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في "كشف الظنون" أن أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة خمسين ومئة) ["الانتصار لطريق الصوفية" للمحدث الغماري ص17 ـ 18].


وأورد صاحب "كشف الظنون" في حديثه عن علم التصوف كلاماً للإمام القشيري قال فيه: (اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية عِلْمٍ سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم الصحابة، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ـ ممن لهم شدة عناية بأمر الدين ـ الزهاد والعُبَّاد، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهاداً، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة) ["كشف الظنون" عن أسماء الكتب والفنون، لحاجي خليفة ج1/ص414].

من هذه النصوص السابقة، يتبين لنا أن التصوف ليس أمراً مستحدثاً جديداً؛ ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الكرام، كما أنه ليس مستقى من أُصول لا تمت إلى الإسلام بصلة، كما يزعم أعداء الإسلام من المستشرقين وتلامذتهم الذين ابتدعوا أسماءً مبتكرة، فأطلقوا اسم التصوف على الرهبنة البوذية، والكهانة النصرانية، والشعوذة الهندية فقالوا: هناك تصوف بوذي وهندي ونصراني وفارسي...

mercoledì 16 gennaio 2008

تعريف التصوف الاسلامي والصوفية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل

فلن تجد له وليا مرشدا ، ثم الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن سار على دربه إلى يوم الدين

أن التصوف جليل القدر عظيم النفع أنواره لامعة وثماره يانعة فهو يزكي النفس من الدنس ويطهر الأنفاس من
الأرجاس ويوصل الإنسان إلى مرضاة الرحمن وخلاصته اتباع شرع الله وتسليم الأمور كلها لله والالتجاء في كل
الشئون إليه مع الرضى بالمقدّر من غير إهمال في واجب ولا مقاربة لمحظور.


وقد أطلق اصطلاح التصوف على الزهاد ، والفقراء ، والعباد ، والملهمين ، والمحدثين ، والسياحين ، والملامتية ، وأهل العزلة ،

وأهل الصمت ، وأهل الخلوة ، وأهل الذكر ، وأهل الإرشاد

التصوف الإسلامي

هو مقام الإحسان الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
"
أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .


التصوف هو

"التخلى عن كل دَنِى ، والتحلى بكلى سَنى سلوكاً إلى مراتب القرب والوصول ، فهو إعادة بناء الإنسان ، وربطه بمولاه فى كل فكر ، وقول ، وعمل ، ونية ، وفى كل موقع من مواقع الإنسانية فى الحياة العامة "

ويمكن تلخيص هذا التعريف فى كلمة واحدة ، هى :
( التقوى ) فى أرقى مستويات الحسية ،والمعنوية
فالتقوى عقيدة ، وخٌلق ، فهى معاملة الله بحسن العبادة ، ومعاملة العبادة بحسن الخلق ، وهذا الاعتبار هو ما نزل به الوحى على كل نبى ، وعليه تدور حقوق الإنسانية الرفيعة فى الإسلام

وروح التقوى هو
( التزكى ) ( قد افلح من تزكى)سورة
الاعلي الايه 14
و ( قد أفلح من زكاها) سورة الشمس ايه 9



وبهذا المعنى تستطيع أن تستيقن بأن التصوف قد مُورس فعلاً فى العهد النبوى ، والصحابة ، والتابعين ، ومن بعدهم .

وقد امتاز التصوف مثلاً بالدعوة ، والجهاد ، والخلق ، والذكر ،والفكر ، والزهد فى الفضول ، وكلها من مكونات التقوى
( أو التزكى )
وبهذا يكون التصوف مما جاء به الوحى ، ومما نزل به القرآن ، ومما حثت عليه السنة ، فهو مقام ( الإحسان ) فيها .

كما أنه مقام التقوى فى القرآن والإحسان فى الحديث : مقامُ الربانية الإسلامية ، قال تعالى :
( كونوا ربانيين بكا كنتم تعلمون الكتاب بما كنتم تدرسون )

" سورة آل عمران ، الآية : 79

والتصوف

( التصوف الجد في السلوك الي ملك الملوك)

وقيل
:

(التصوف الموافقة للحق)

وقيل
:-

(انما سميت الصوفية صوفية لصفاء اسرارها ونقاء ءاثارها)

وقال بشر بن الحارث

(الصوفي من صفا قلبة لله)

وقد سئل الإمام أبو علي الرَوْذباري عن الصوفي فقال

"من لبس الصوف على الصفا، وكانت الدنيا منه على القفا، وسلك منهاج المصطفى (صلّى الله عليه وسلّم)"

وسئل الإمام سهل بن عبد الله التُّستَري عن الصوفي فأجاب

"من صفا عن الكدر، وامتلأ من الفكر، واستوى عنده الذهب والمدر"

وقال الشيغ محمّد ميارة المالكي في شرح المرشد المعين

"في اشتقاق التصوف أقوال إذ حاصله اتصاف بالمحامد، وترك للأوصاف المذمومة، وقيل من الصفاء


قال القاضي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى:

(التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية)[على هامش "الرسالة القشيرية" ص7 توفي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري سنة 929هـ

ويقول الشيخ أحمد زروق رحمه الله
:

(التصوف علم قصد لإصلاح القلوب، وإفرادها لله تعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل، وحفظ النظام، وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول "علم التوحيد" لتحقيق المقدمات بالبراهين، وتحلية الإيمان بالإيقان، كالطب لحفظ الأبدان، وكالنحو لإصلاح اللسان إلى غير ذلك) ["قواعد التصوف" قاعدة 13 ص 6 لأبي العباس أحمد الشهير بزروق الفاسي، ولد سنة 846هـ بمدينة فاس، وتوفي سنة 899هـ في طرابلس الغرب].

قال سيد الطائفتين الإمام الجنيد رحمه الله
:

(التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني) ["النصرة النبوية" للشيخ مصطفى المدني ص22. توفي الإمام الجنيد سنة 297هـ].

وقال بعضهم
:

(التصوف كله أخلاق، فمن زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوف) ["النصرة النبوية" للشيخ مصطفى المدني ص22، توفي الإمام الجنيد سنة 297هـ].

وقال أبو الحسن الشاذلي رحمه الله
:

(التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية) ["نور التحقيق" للعلامة حامد صقر ص93. توفي أبو الحسن سنة 656هـ في مصر].

وقال ابن عجيبة رحمه الله
:

(التصوف: هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة) ["معراج التشوف إلى حقائق التصوف" لأحمد بن عجيبة الحسني ص4].

وقال صاحب "كشف الظنون
":

(هو علم يعرف به كيفية ترقي أهل الكمال من النوع الإنساني في مدارج سعاداتهم) إلى أن قال:

علم التصوف علمٌ ليس يعرفه إلا أخو فطنةٍ بالحق معروفُ

وليس يعرفه مَنْ ليس يشهده وكيف يشهد ضوءَ الشمسِ مكفوفُ

["كشف الظنون" للعلامة حاجي خليفة ج1/ص413 ـ 414].

وقال الشيخ زروق في قواعد التصوف
:

(وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين، مرجع كلها لصدق التوجه إلى الله تعالى، وإنما هي وجوه فيه) ["قواعد التصوف" ص2].

فعماد التصوف تصفية القلب من أوضاع المادة، وقوامه صلة الإنسان بالخالق العظيم، فالصوفي من صفا قلبه لله وصفتْ لله معاملته، فصفت له من الله تعالى كرامته.



والتصوف مبني على الكتاب والسنة

كما قال سيد الطائفة الصوفية الجنيد البغدادي رضي الله عنه

"طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا على المقتفين ءاثار رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)"

وقال الامام تاج الدين السبكي

"ونرى أن طريق الشيخ الجنيد وصحبه مقوَّم"

وقال سهل التُّستَري رضي الله عن

" أصول مذهبنا- يعني الصوفية- ثلاثة: الاقتداء بالنبي (صلّى الله عليه وسلّم) في الأخلاق والأفعال، والاكل من الحلال، وإخلاص النيّة في جميع الأفعال"

وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه

" ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخَالة"،وانما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾


وقال الامام احمد الرفاعي رضي الله عنه للقطب أبي اسحاق ابراهيم الأعزب رضي الله عنه

"ما أخذ جدك طريقًا لله إلا اتباع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فإن من صحت صحبته مع سرِّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) اتبع ءادابه وأخلاقه وشريعته وسنته، ومن سقط من هذه الوجوه فقد سلك سبيل الهالكين" اهـ، وقال أيضًا: "واعلم أن كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة" اهـ، وقال رضي الله عنه أيضا: "الصوفي هو الفقيه العامل بعلمه " .


وقد حكى العارف بالله الشعراني

في مقدمة كتابه الطبقات إجماع القوم على أنه لا يصلح للتصدر في طريق الصوفية إلا من تبحر في علم الشريعة وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها، وتبحر في لغة العرب حتى عرف مَجازاتها واستِعاراتِها وغير ذلك.


و الاختلاف فى تعريف التصوف.

فهو راجع إلى منازل الرجال فى معارج السلوك ، فكل واحد منهم ترجم أساسه فى مقامه ، وهو لا يتعارض أبداً مقام سواه ؛ فإن الحقيقة واحدة ، وهى كالبستان الجامع ، كلٌ سالك وقف تحت شجرة منها فوصفها ، ولم يقل إنه ليس بالبستان شجرٌ سواها ومهما اختلفت التعريفات ، فإنها تلتقى عند رتبة من التزكى والتقوى : أى الربانية الإسلامية ، أى ( التصوف ) على طريق الهجرة إلى الله ( ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين ) "

سورة الذرايات ، الآية 50

وقال : ( إنى مهاجر إلى ربى )

" سورة العنكبوت ، الآية : 26 " .

فالواقع أنها جميعاً تعريف واحد ، يُكمل بعضه بعضاً


وإنكار بعض الناس على هذا اللفظ بأنه لم يُسمع في عهد الصحابة والتابعين مردود، إذ كثيرٌ من الاصطلاحات أحدثت بعد زمان الصحابة، واستُعملت ولم تُنكَر، كالنحو والفقه والمنطق.


وعلى كلٌّ فإننا لا نهتم بالتعابير والألفاظ، بقَدْرِ اهتمامنا بالحقائق والأسس. ونحن إذ ندعو إلى التصوف إنما نقصد به تزكية النفوس وصفاء القلوب، وإصلاح الأخلاق، والوصول إلى مرتبة الإحسان، نحن نسمي ذلك تصوفاً. وإن شئت فسمه الجانب الروحي في الإسلام، أو الجانب الإحساني، أو الجانب الأخلاقي، أو سمه ما شئت مما يتفق مع حقيقته وجوهره؛ إلاَّ أن علماء الأمة قد توارثوا اسم التصوف وحقيقته عن أسلافهم من المرشدين منذ صدر الإسلام حتى يومنا هذا، فصار عُرفاً فيهم.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته